rssمقالات

“إصلاحٌ من عمق البحر: الوزير الفضيل يقود نهضة قطاع الصيد في موريتانيا”

حامدن محمد الأمين اسعيد

في لحظة فارقة من تاريخ قطاع الصيد في موريتانيا، يبرز اسم الوزير الفضيل ولد سيداتي أحمد لولي بوصفه أحد رجال الدولة الذين جمعوا بين الرؤية والبصيرة وحسن التدبير، حين تولى حقيبة وزارة الصيد والبنى التحتية البحرية والمينائية في وقت كانت فيه التحديات تتزاحم، والمشكلات تتفاقم في هذا القطاع الحيوي.

لكن الوزير، ومنذ الوهلة الأولى، قرأ الواقع بدقة، ووضع نصب عينيه هدفًا واضحًا: إنقاذ القطاع، ثم الارتقاء به إلى مصاف الركائز الاقتصادية الكبرى في البلد.

بعقلانية الخطوات وصرامة التسيير، قاد الرجل القطاع نحو التعافي، مستندًا إلى رؤية إصلاحية شاملة لم تترك جانبًا دون أن تطاله.

وشيئًا فشيئًا، بدأت مؤشرات الانتعاش تظهر على سطح البحر الموريتاني، وبدأت قوارب الصيادين تعود بالبشرى، لا بالغصة.

فالثروة السمكية، التي تشكل أحد أعمدة الاقتصاد الوطني، استعادت بريقها، والفاعلون في الميدان تنفسوا الصعداء بعد سنوات عجاف.

السياسات الرشيدة للوزير أوجدت توازنًا نادرًا بين الاستغلال المستدام والتثمين الاقتصادي، حيث تمت إعادة الاعتبار للكفاءات الوطنية، وجرى إطلاق سلسلة تكوينات لصالح 1500 بحار لتعزيز خبراتهم ومهاراتهم، في انسجام تام مع توجيهات رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، الرامية إلى مرْتنة اليد العاملة، وتوطين فرص الشغل في المجال البحري.

ولم يتوقف العمل عند حدود التكوين والدعم الفني، بل امتد إلى إطلاق أيام تقييم وطني لاستراتيجية 2020 – 2024، رسمت ملامح استراتيجية جديدة ترتكز على التسيير المستدام للثروة البحرية، ورفع القيمة المضافة، وترسيخ الأمن الغذائي الوطني.

وفي مؤشر واضح على التحول، ارتفع الإنتاج البحري سنة 2024 إلى أكثر من مليون طن، لترتفع معه قيمة صادرات البلاد من القطاع إلى أكثر من 41 مليار أوقية، بعد أن كانت في حدود 28 مليارًا فقط سنة قبلها.

هذه القفزة لم تكن محض صدفة، بل نتيجة مباشرة لسياسات تثمين سلاسل القيمة، خصوصًا في أسماك السطح الصغيرة، وتحديث بنيات التصدير.

ولأن البنية التحتية هي قلب أي نهضة، فقد جعل الوزير من الموانئ ركيزة في مسار الإصلاح، حيث تم العمل على تفعيل ميناء تانيت وميناء انجاكو، إلى جانب إعادة تأهيل رصيف ميناء نواذيبو، وتطوير ميناء خليج الراحة، مع التخطيط لبناء رصيف جديد للسفن العلمية.

كل ذلك يترافق مع أداء مينائي نوعي، حيث تجاوز ميناء نواكشوط سقف 6 ملايين طن للمرة الأولى، وسجل ميناء نواذيبو ارتفاعًا لافتًا في معاملاته بنسبة 26%.

وفي إطار ترسيخ الحوكمة، حققت موريتانيا إنجازًا عالميًا متميزًا، إذ صنّفها مجلس مبادرة الشفافية الدولية في مصايد الأسماك (FiTI) كثاني دولة في العالم تحقق الامتثال الكامل لمعيار الشفافية، وهو إنجاز يعكس مدى التحول البنيوي في إدارة القطاع، وثقة الشركاء الدوليين في مساره.

وقد عززت الحكومة من هذا التوجه الإصلاحي حين أدرجت البنى التحتية البحرية والمينائية تحت وصاية الوزارة، وهو ما منح الوزير سلطات مباشرة على مؤسسات استراتيجية مثل المعهد الموريتاني لبحوث المحيطات، والمكتب الوطني للتفتيش الصحي، وشركة تسويق الأسماك، والموانئ الكبرى في نواكشوط وانواذيبو وغيرها.

إن ما تحقق لا يُقاس بالأرقام فقط، بل بالثقة التي بدأت تعود إلى العاملين في القطاع، وبالآفاق التي بدأت تتفتح أمام الشباب الباحث عن فرص حقيقية في وطنه، وبالثقة الدولية التي بدأت تتعزز في اقتصاد بحرٍ موريتاني، صار أكثر التزامًا وشفافية.

باختصار، الوزير الفضيل ولد سيداتي أحمد لولي لم يكن مجرد وزير لقطاع، بل كان مهندسًا لإصلاح جذري وشامل، وضع موريتانيا في موقع جديد على خارطة الصيد البحري العالمي، وفتح أمام شعبها آفاق بحر لا يضيق برزق ولا بفرص.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى